سلسلة التعرف على أساسيات العدسات ( الجزء الأول )
عدسات التصوير الفوتوغرافي تتكون من مجموعة من العدسات الداخلية التي تعمل معاً كعدسة محدبة واحدة. تعريف البعد البؤري هو المسافة بين منتصف العدسة ( مركز التحدب) إلى موضع سقوط صورة الجسم خلف العدسة.
أما تقسيم العدسات حسب بعدها البؤري فهو كما يلي :
العدسات القياسية Standard Lens
تتمتع العين البشرية ببعد بؤري مكافئ للبعد البؤري لعدسة بعدها البؤري 50 مم . و عليه تسمى العدسات التي تملك هذا البعد عادة بالعدسات العادية أو القياسية نظراً لأن الرؤية التي تعطيها تماثل ما تراه العين البشرية. و لكن هناك عدسات مختلفة لها بعد بؤري أكثر أو أقل من هذه القيمة و سيأتي ذكرها لاحقاً.
العدسات واسعة/عريضة الزاوية Wide Angle Lens
و هي عدسات بعدها البؤري 35مم فما دون ذلك . و تعتبر من أكثر أنواع العدسات شيوعاً نظراً لأنها تعطي زاوية لا يمكن للعين أن تراها في لحظة واحدة بجمع قدر أكبر من المشهد أمامك في حدود الصورة.
العدسات طويلة البعد البؤري Telephoto Lens
تتمتع هذه العدسات ببعد بؤري يزيد عن 50 مم ( غالباً تبدأ من 85 مم فما فوق ) ، و تستخدم غالباً لأغراض تصوير الوجوه أو الأهداف البعيدة نسبياً بتحديد جزء معين و التركيز عليه بدون الحاجة للاقتراب من الهدف بشكل مبالغ فيه. و بشكل عام كلما زاد البعد البؤري للعدسة زادت المسافة الدنيا التي يمكنك التصوير بالعدسة من خلالها ، غني عن الذكر أن كل العدسات تقريباً لا يوجد لها حد أعلى لبعدها عن الهدف ، بغض النظر عن بعدها البؤري.
لكن كيف يؤثر اختلاف البعد البؤري بين العدسات و أنواعها على استخدام العدسة و الصور التي تنتج عنها ؟ هذا ما سيتم تقديمه مع الجزء القادم من هذه السلسلة .
كنا قد بدأنا بمقدمة ذكرنا فيها معنى البعد البؤري للعدسة و قسمنا أنواع العدسات حسب بعدها البؤري لعدة أنواع ، و ذكرنا أن لذلك تأثير على الصورة من عدة نواحي سوف نذكرها في هذا الجزء بالصور التوضيحية كلما أمكن ، مما سيسهل عليك فهم تأثير اختلاف البعد البؤري بين العدسات و فائدة استخدام كل واحدة.
في هذا الجزء سنتحدث عن تأثير اختلاف البعد البؤري على الصورة من عدة نواحي هي : زاوية الرؤية ، و أبعاد الصورة ، و عمق الميدان.
زاوية الرؤية Field of View :
و هي مجال الرؤية التي يتيحها لك كل نوع من العدسات ، و يزداد مجال الرؤية للعدسة كلما قل بعدها البؤري و يقل بازدياد البعد البؤري . ويمكن مشاهدة ذلك بوضوح بهذا الرسم التخطيطي الذي توفره كانون على هذا الرابط للتوضيح ( اضغط هنا لعرض الرسم التوضيحي ) .
و فيما يلي الرسمان التوضيحيان من موقع نايكون و حيث يوضح اختلاف زاوية الرؤية بين عدسات Telephoto و عدسات Wide Angle عند استخدامهم من نفس النقطة من ناحية التأثير على زاوية الرؤية و المجال الظاهر بالصورة .
أولاً : بالنسبة للعدسات عريضة الزاوية التي تتمتع بزاوية رؤية كبيرة يمكن تغطية مجال كبير من المشهد بسهولة مع إظهار قدر كبير من الخلفية في الوقت ذاته
ثانياً : بالنسبة للعدسات ذات البعد البؤري الطويل- التيليفوتو – التي تتمتع بزاوية رؤية بسيطة مقارنة بالعدسات العريضة الزاوية.
يرجى ملاحظة أن هذه الرسومات التوضيحية عامة و لا يقصد بها عدسات ذات بعد بؤري خاص ، فمعنى أكثر وضوحاً : استخدام عدسة ببعد بؤري أقل يؤدي لزاوية رؤية أعلى و إن كانت العدستان من النوع ذاته . و بالمثل ، استخدام عدسة ببعد بؤري أعلى يؤدي لزاوية رؤية أقل و إن كانت العدساتن من النوع ذاته .
فيما يلي مثال عن فائدة زاوية الرؤية الأوسع : أنت تستخدم عدسة 100 مم و صاحبك بعدسة 200 مم و أنتما تريدان التقاط صورة لفراشة ضخمة بين أغصان متشابكة . في حالتك ستجد على الأرجح الفراشة بالنظر في الكاميرا بشكل أسرع من صاحبك لأن زاوية الرؤية لديك أوسع من الزاوية لديه . لكن بالمقابل ، سيتمكن صاحبك لو وجد الفراشة بالنظر في الكاميرا من التقاط صورة ذات تفاصيل أكثر وضوحاً للفراشة نظراً لأن البعد البؤري لعدسته ضعف البعد البؤري لعدستك و لكنه سيخسر جزءاً من الخلفية التي تمكنك عدستك من إظهار كم كبير منها مقارنة بعدسته نظراً للفارق في زاوية الرؤية بين العدستين . و لهذا تفصيل أكبر في السطور القادمة حيث سنتحدث عن عامل اختلاف آخر بين العدسات . و لكن قبل ذلك يمكنك النظر إلى الاختلاف بين زاوية الرؤية لكل بعد بؤري في الشكل التوضيحي أدناه المأخوذ من دليل سيجما للعدسات.
أبعاد الصورة Prespective :
لنبدأ أولاً بتعريف مصطلح Prespective ، و هو التأثير الظاهر على الأجسام بالصورة مما يجعل المسافة الظاهرة بالصورة بين تلك الأجسام و الخلفية و مكان الكاميرا غير واقعية . تختلف شدة التأثير باختلاف البعد البؤري للعدسة. فمن جهة ، تتمتع العدسات العريضة الزاوية Wide Angle بالقدرة على جعل الأجسام القريبة منها ظاهرياً أكبر من المعتاد و إظهار الخلفية بشكل أبعد مما هي عليه في الواقع . على خلاف العدسات ذات البعد البؤري الطويل Telephoto التي تقلل من ذلك التأثير بجعل الصورة تبدو مسطحة أكثر بتقليل المسافة الظاهرية بين الجسم و الخلفية.
لفهم ذلك يمكن تجربة تصوير هدف معين بحيث يكون له نفس الحجم الظاهري بالصورة بعدستين مختلفتين في البعد البؤري و ملاحظة تغير بعد الخلفية الظاهري تبعاً لذلك. و ذلك ممكن لكن بتحريك الكاميرا نفسها للأمام و الخلف بحيث يتفق حجم الجسم الظاهر بالصورة بغض النظر عن الفرق في البعد البؤري. أما باستخدام عدسة Wide Angle فسنحتاج للاقتراب من الهدف بشكل كبير نسبياً . بينما علينا التراجع للخلف عند استخدام عدسة Telephoto للحصول على نفس الحجم الظاهر للجسم بالصورة من العدسة السابقة. و رغم أن حجم الجسم في الصورة سيبدو متطابقاً إلا أن بعد الخلفية عنه لن يبدو كذلك.
فمع استخدام عدسة Wide Angle سيبدو جزء كبير من الخلفية بالصورة مما يوحي للناظر ببعدها عن الجسم .كما هو موضح بالرسم المبسط أدناه.
أما مع عدسة Telephoto سيبدو جزء محدود من الخلفية للناظر مما يوحي بأنها قريبة نسبياً من الهدف . كما هو موضح بالرسم المبسط أدناه .
فيما يلي شكل توضيحي من شركة توكينا يوضح ثبات الحجم الظاهري للهدف عن طريق تحريك الكاميرا في كل مرة ليظهر هدف الصورة بالحجم نفسه على اختلاف البعد البؤري و كيف أثر ذلك على البعد الظاهري للخلفية عن الهدف .
Depth of Field عمق الميدان :
شرح هذه النقطة قد يحتاج مواضيع مستقلة ، لكننا سنركز هنا بشكل بسيط على علاقته بما نتحدث عنه هنا و هو البعد البؤري للعدسة .
مصطلح Depth of Field أو عمق الميدان يرمز لمدى التركيز على الأجسام الواقعة أمام و خلف نقطة التركيز الأساسية في الصورة . من أهم العوامل التي يمكن للمصور أن يتحكم بها في تحديد عمق الميدان هي:
– فتحة العدسة Aperture
– البعد البؤري للعدسة Focal Length
– البعد عن موضوع الصورة Distance to subject
تعرف عملية التركيز على جزء محدد من الصورة بعمق ميدان ضحل عملية ( عزل الخلفية ) و غالباً ما تجعل الصورة أجمل لأنها تدفع الناظر للتركيز على ما يريده المصور ، و سيكون لنا بإذن الله موضوع مستقل لشرح ذلك.
و فيما يلي تأثير كل من العوامل السابقة على عمق الميدان Depth of Field :
فتحة العدسة : استخدام f-number صغير يضمن استخدام أوسع فتحة عدسة ممكنة مما يعني عمق ميدان ضحل نسبياً و بالمقابل باستخدام قيمة عالية ( فتحة ضيقة ) يؤدي ذلك لعمق ميدان أكبر .
البعد عن موضوع الصورة : فيؤثر في تحقيق عمق ميدان ضحل بالاقتراب من الهدف بقدر الإمكان ، بينما يؤدي الابتعاد عن الهدف لتحقيق عمل ميدان أكثر عمقاً.
البعد البؤري : يؤثر البعد البؤري على عمق الميدان باختلاف قيمته ، بالنسبة لبعد بؤري قليل ( عدسة عريضة الزاوية ) يتحقق عمق ميدان كبير مناسب للمناظر الطبيعية مثلاً . بينما مع بعد بؤري أعلى ( عدسة ذات بعد بؤري طويل ) يتحقق عمق ميدان أقل يفيد بالحصول على عمق ميدان ضحل مناسب لتصوير الوجوه و التركيز عليها مثلا .
لقد ذكرنا في الجزئيين السابقيين بعض المبادئ الخاصة بالعدسات من أنواعها المختلفة حسب أبعادها البؤرية و كيف يختلف استخدامها تبعاً لذلك ، بالإضافة إلى شرح تأثير ذلك على الصورة مع شرح لبعض المصطلحات المتعلقة بذلك و التي سيتم استخدامها في هذا الجزء لشرح العدسات حسب تقسيم مختلف يعتمد على قدرة العدسة على القيام بعملية زوم من عدمه. أكثر أجزاء المقالة موجهة لمستخدمي الكاميرات القابلة لتبديل العدسات لكن الفائدة من هذا الموضوع تعم جميع مستخدمي الكاميرات بلا استثناء.
فلنبدأ بشرح نوعي العدسات الأساسيين و هما :عدسات الزوم و عدسات البرايم (العدسات الثابتة)
لنبدأ أولاً بتعريف كل من النوعين ، فالعدسات الثابتة لها بعد بؤري ثابت . بينما عدسات الزوم لها نطاق يمتد من بعد بؤري أدنى لبعد بؤري أعلى. العدسة الثابتة لها زاوية رؤية ثابتة تعتمد على بعدها البؤري ، بينما عدسة الزوم تعتمد زاوية رؤيتها على البعد البؤري الحالي لها. قد تكون جربت عدسة ثابتة في أحد المرات حتى قبل شرائك للكاميرا ، مثلا بعض كاميرات الموبايل و كاميرات الويب لا تتمتع بالقدرة على التقريب البصري لأنها عدسات ثابتة. أما عدسات الزوم ، فمن الأرجح أنك مررت بأحدها عند استخدامك لكاميرا مدمجة نظراً للسيطرة الشبه تامة لعدسات الزوم على سوق الكاميرات المدمجة لما توفره من مرونة للمستخدم الحديث العهد بالتصوير.
ما هو الزوم ؟
كما هو واضح من التعريف السابق ، فلا تملك العدسات الثابتة القدرة على القيام بعملية التقريب البصري ( الزوم ) بعكس عدسات الزوم التي يمكنها ذلك. لكن ما هو الفرق بين أنواع الزوم ؟
الزوم نوعان : الرقمي و البصري ، أما الرقمي فهو زوم زائف لا علاقة للعدسات به فهو يعتمد على تقريب برمجي من الكاميرا لجزء من الصورة التي تعطيها لها العدسة. التقريب البصري هو عملية تغيير البعد البؤري للعدسة بحيث تتغير زاوية الرؤية لها و بتالي ما يظهر بالصورة يختلف باختلاف زاوية الرؤية الخاصة بالعدسة.
كيف يقاس الزوم لأي عدسة ؟
دائما ما تلاحظ أن قيمة الزوم – بالنسبة للكاميرات المدمجة فقط -تعطى بمقدار X بمعنى ضعف ، فالزوم ليس قيمة ذات وحدة بل نسبة بين قيمة البعد البؤري الأدنى للعدسة و البعد البؤري الأعلى لها . لهذا السبب تسمى العدسات الثابتة بالعدسات عديمة الزوم لأن قيمة الزوم لها دائما هي 1X لعدم قدرتها على تغيير زاوية الرؤية و بعدها البؤري. لكن ليس من الضرورة أن العدسة ذات الزوم الأعلى يمكنها التقاط صورة أقرب للهدف. فعلى سبيل المثال لو قمنا بمقارنة عدسة زوم لها بعد بؤري يمتد من 18مم إلى 85مم ، بعدسة ببعد بؤري ثابت قدره 105مم ، سنجد أن أقصى بعد بؤري لعدسة الزوم هو 85مم فقط لا غير بينما البعد البؤري للعدسة الثابتة هو 105 مم مما يعني أن عدسة الزوم بأقصى زوم لها لم تتمكن من مجاراة البعد البؤري للعدسة الثابتةو في هذه الحالة فإن زاوية الرؤية للعدسة الثابتة كانت أقل من أقل زاوية رؤية ممكنة لعدسة الزوم. و بالمثل ، لو قورنت نفس عدسة الزوم بعدسة ذات بعد بؤري ثابت قدره 14 مم سنجد أن عدسة الزوم تعجز عن الحصول على التفاصيل الظاهرة في العدسة الثابتة نظراً لأن زاوية النظر لعدسة بعدها البؤري 14مم أعلى من زاوية النظر لعدسة بعدها البؤري لا يقل عن 18مم
لكن هل هناك أهمية أساساً لقيمة الزوم بالنسبة لمستخدمي الكاميرات القابلة لتبديل العدسات ؟
الجواب بكلمة واحدة هو : لا . السبب هو أن قيمة الزوم لا تعبر إطلاقاً عن استخدامات العدسة و لا عن مداها. فمن غير المعقول مثلا مقارنة زوم 3X لعدسة بعدها البؤري الأقصى يصل إلى حوالي 70 مم بعدسة زوم 3X مداها يبدأ مع 70مم ، لأن كلاً من العدستين يغطي مجالاً مختلفاً تماماً و لكل منهما استخداماتهما الخاصة التي لا يمكن للأخرى تحقيقها .
ما نقاط تميز عدسات الزوم بشكل عام ؟
عدسات الزوم توفر مرونة للمصور من حيث أنه لا يحتاج للتحرك من مكانه للحصول على أكثر من زاوية رؤية للهدف. عدسات الزوم بشكل عام تعتبر أفضل عند التعامل مع هدف يتغير بعده عن العدسة بشكل مستمر دون الرغبة في تحريك الكاميرا من مكانها.
بينما في العدسات الثابتة قد تضطر لاقتطاع جزء من الصورة للحصول على الصورة المطلوبة بعد الالتقاط ( الحاجة لزيادة البعد البؤري) أو أن تضطر لترك تفاصيل خارج إطار الصورة كنت تتمنى تضمينها داخل الصورة (الحاجة لتقليل البعد البؤري).توجد ظروف قد تمنع ذلك في الحالتين ، منها عدم الرغبة في إخافة و إرباك الهدف في حالة الحاجة لزيادة البعد البؤري خاصة مع الطيور ، و أما الحاجة لتقليل البعد البؤري فتنتج بشكل عام عن ظروف ضيق المساحة و زاوية التصوير.
عدسات الزوم تتطلب تغييراً أقل للعدسات ، مما يقلل احتمالات تسلل ذرات الغبار العنيدة لسطح المستشعر داخل الرقمي مقارنة بالعدسات الثابتة.و تتطلب حمل عدد أقل من العدسات. و تبديل العدسات عملية تستغرق وقتاً قد يكون ثميناً. لكن بعض عدسات الزوم قد تكون سبباً في تسلل الغبار داخل الكاميرا عند القيام بعملية الزوم بإدخال الهواء إليها أو إخراجه. تتمتع العدسات الثابتة عادة بفتحة عدسة واسعة بالمقارنة مع عدسات الزوم.هذا في العادة يتسبب في زيادة وزن العدسة، لهذا يندر امتلاك عدسات الزوم لفتحات عدسة واسعة مثل F2.8 أو قيمة أقل من ذلك .
عند السفر و الحاجة للتنقل ، قد يكون من المتعب حمل عدة عدسات ثابتة مقارنة بحمل عدستي زوم مع الكاميرا ، عدسات الزوم تتفوق في مجال توفير الوقت في تبديل العدسات عن العدسات الثابتة ، و كذلك في الحمل في حقيبتك إن كنت من مالكي عدسات ثابتة ممتازة لتصوير الطيور ( مثلا عدسة 500 مم فما ففوق) فتلك العدسات غالباً ما تكون ثقيلة و كبيرة الحجم فضلاً عن سعرها الباهظ في أكثر الأحيان.
ما نقاط تميز العدسات الثابتة (البرايم) بشكل عام ؟
العدسات الثابتة توفر عادة جودة أعلى للصور من عدسات الزوم خاصة أطراف الصورة نظراً لتخصص العدسة بمجال معين للتصوير و قلة الانعكاسات الداخلية التي تقلل جودة الصورة التي قد تسببها كثرة القطع المستخدمة بالعدسة مثل عدسات الزوم. بالإضافة لذلك عادة ما تكون هذه العدسات أصغر و أخف مما يقابلها في عدسات الزوم .
تمتع العدسات الثابتة بفتحات أوسع يجعلها عادة الخيار الأمثل لصور ذات عزل قوي للخلفية و تركيز على الهدف ، مما يجعلها الخيار الأمثل للتصوير في استديو مثلا حيث تملك تحكماً كاملاً بمساحة المكان و موقع الهدف .
إن قدرة العدسات الثابتة بالضوء الخافت تعتبر أكثر تميزاً و قدرة على تثبيت الزمن و تجميد اللحظة بسرعة غالق أعلى رغم الضوء الخافت ، ولو أن ذلك قد يكون أقل أهمية مما كان عليه سابقاً إن أخذنا بالاعتبار مدى تحسن أداء بعض الكاميرات DSLR في تعاملها مع قيم ISO المرتفعة التي تسبب في العادة تشويشاً يؤدي لتآكل التفاصيل و ذلك يبدو أكثر وضوحاً مع الكاميرات المدمجة.
من ناحية السعر ، من الشائع أن تتمتع العدسة الثابتة ذات الفتحة المساوية لمثيلتها ذات الزوم بسعر أقل في أكثر الحالات. مثال ذلك عدسة الكانون 200 مم F2.8 بالمقارنة بعدسة الكانون 70-200 الأخيرة ، سعر العدسة الثابتة لا يتعدى 4 الاف درهم بينما يصل سعر عدسة الزوم إلى 10 آلاف درهم تقريباً ، لكن ذلك قد لا ينطبق على فتحات عدسة أوسع ، فمثلا قيمة عدسة الكانون الثابتة 200 مم F2 يصل إلى 30 ألف درهم ، ووزنها بالطبع يفوق وزن نظيرتها ذات فتحة العدسة القصوى F2.8 بشكل كبير.
شراء عدة عدسات ثابتة قد يكون عملية مكلفة لتغطية مجال عدسة زوم واحدة ، لكن شراء عدسة زوم واحدة لكل شيء بمثابة وضع البيض في سلة واحدة ، و له مخاطره بينما شراء عدة عدسات يمثل احتياطي عدسات في حالة تعطلت أحد العدسات أو أصابتها مشكلة ما.
من الميزات الأخرى للعدسات الثابتة هي وجود بعض العدسات الثابتة التي لا يوجد لها مثيل بعدسات الزوم ، سواء في المدى أو في الخواص . و سنأتي على ذكر بعض تلك الخواص في مقالات لاحقة بإذن الله .
بعض المصورين لا يحتاج لأكثر من مدى بؤري واحد ليفي باحتياجاته. و غالباً ما ينطبق ذلك على عدد من المصورين المحترفين المتخصصين بنوع محدد من التصوير ، أو عند التحكم بمكان التصوير مثل العمل في استديو مثلاً .
حتى بعض المصورين الذين يريدون التقاط صور تذكارية فقط قد يكتفون ببعد بؤري أقل من 50 مم ( عدسة عريضة الزاوية ) لكافة الاحتياجات مثل عدسة ببعد بؤري ثابت بين 20-35 مم قد تكون كافية لالتقاط أجمل الذكريات ، بينما قد لا يكون ذلك ممكنا بعدسة 100 مم فما فوق مثلاً ، و هذا شائع في الكاميرات المدمجة الصغيرة عديمة الزوم حيث يتمتع أكثرها ببعد بؤري مقارب لذلك مثل 38 مم مثلاً .
من نقاط تفوق العدسات الثابتة أيضاً هي أنها لا تعاني من مشاكل تغير فتحة العدسة القصوى التي تعاني منها أكثر عدسات الزوم، ففي أكثر عدسات الزوم تتغير قيمة Aperture مع زيادة قيمة البعد البؤري مما يتطلب من المصور إضاعة بعض الوقت في إعادة ضبط التعريض بالشكل السليم ، أما عدسات الزوم التي لا تعاني من هذه المشكلة فغالباً ما تتمتع بثقل وزنها و ضخامتها نسبياً بالإضافة لغلو سعرها .
من النقاط الأخرى التي تبرز فيها قوة العدسات الثابتة مقارنة بعدسات الزوم هي ثبات جودة الصور مقارنة بعدسات الزوم. فعدسات الزوم على اختلافها قد تتباين و تختلف فيها جودة الصورة حسب البعد البؤري ، فربما تسمع من شخص ما أن أحد عدسات الزوم ذات جودة عالية و تجربها و ترى خلاف ذلك ، فما هي الأسباب المحتملة ؟
أحد الأسباب هو أن البعد البؤري الذي تفضله أنت لعدسة الزوم قد يختلف عن البعد البؤري الأمثل لمن نصحك بالعدسة مما ينتج عنه اختلاف بجودة النتائج . سبب آخر هو فتحة العدسة ، فقد يكون الشخص الذي أعجبته العدسة قد استخدمها على فتحات مثل F8 مثلا مما يعطي تفاصيل أعلى بينما استخدمتها على فتحة عدسة مختلفة فظهرت النتائج بشكل مختلف.
سرعة التركيز هي عامل آخر يجذب للعدسات الثابتة ، فعادة ما تتمتع العدسات الثابتة بسرعة تركيز تفوق مثيلاتها من عدسات الزوم.هذا بالنسبة للتركيز التلقائي Auto Focus . لكن في بعض الأحيان يضطر المصور لاستخدام التركيز اليدوي Manual Focus لضبط التركيز يدوياً و في هذه الحالة تتفوق حلقة التركيز في العدسات الثابتة عن حلقات التركيز في عدسات الزوم من ناحية المرونة و سهولة استخدامها لضبط التركيز على الهدف بالشكل المناسب.
ملخص الفروق العامة بين عدسات الزوم و العدسات الثابتة مع التذكير بأن لكل قاعدة استثناءات :
العدسات الثابتة تتفوق في هذه النواحي بشكل عام :
– السعر الأرخص
– الحجم الأصغر
– الوزن الأخف
– الجودة الأعلى ( سواء بالألوان أو حدة التفاصيل )
– التركيز الدقيق و السريع على الهدف
– الأداء في الإضاءة الخافتة بسبب فتحة العدسة الواسعة
– الاستخدام التخصصي ( تصوير الاستديو أو الماكرو مثلا )
– فتحة العدسة القصوى ثابتة دوماً
– عدم تغير جودة الصور بتغير البعد البؤري (لأنها عدسات ثابتة البعد البؤري )
– اختيارات أكثر من المتوفرة بالنسبة لعدسات الزوم في معظم الحالات
– تعتبر اختيار الأمثل لالتقاط صور فيها تركيز واضح على الهدف.
– حلقة التركيز اليدوي فيها أكثر مرونة .
عدسات الزوم تتفوق من نواح أخرى ، و هي :
– حرية المصور بالعمل دون تحريك الكاميرا من مكانها
– الرغبة بحمل عدسة أو عدستين لتغطية مجال واسع دون حمل عدسات عديدة ، فعدسة زوم واحدة قد تغني عن حمل عدة عدسات ثابتة.
– تقليل الوقت الضائع في تبديل العدسات ( و ما يتبع ذلك من نتائج سلبية على الصور بتسلل الغبار أو الحوداث المفاجئة أثناء عملية التبديل)
– الخيار الأمثل للمبتدئين الذين لا يعرفون البعد البؤري الأنسب لهم .
– الخيار الأمثل للتصوير الصحفي بالنسبة لتصوير ما لا يتم توقعه من أمور مفاجئة تتطلب التقاط الصورة بالسرعة المناسبة.
– استخدام عدسة زوم يعتبر الخيار الأول بالنسبة لمن يريد حمل عدسة واحدة لعدة استخدامات مما قد يمكن من التقاط صور مستحيلة بدون عدد من العدسات الثابتة.
الختام
أيهما أفضل ؟ كلاهما مفيد في نواحي معينة ، ولكل استخداماته . و شخصياً أعتقد أنه لا غنى عن عدسة ثابتة واحدة على الأقل من بين عدساتك إن كنت من مستخدمي الكاميرات القابلة لتبديل العدسات ، و ربما عدسة زوم واحدة على الأقل ولو لأغراض التوثيق ، فعدسات الزوم التي تقدم أداءاً استثنائياً و مدى واسعاً تأتي بمقابل سعر باهظ و وزن ثقيل فضلاً عن الحجم الكبير نسبياً مما يجعلها خياراً غير عملي إن كنت تريدها لأغراضك اليومية ، مما يجعل اختيار عدسة زوم واحدة ذات جودة فائقة مسألة شائكة يكون فيها على المصور أن يحدد فيها أولوياته ليجد العدسة الأنسب له. كرأي شخصي ، أعتقد أن عدسة زوم عريضة مع عدسة قياسية 50 مم تفي بمعظم الاحتياجات الاعتيادية للمصور الباحث عن توثيق ما حوله ، ما لم يكن من الفئة التي تطمح لتصوير كل شيء ( الطيور / الرياضة و ما شابه مما يتطلب عادة عدسات مكلفة للغاية للحصول على نتائج ممتازة
سلسلة التعرف على أساسيات العدسات